القتال لآخر جندى مصرى وحصاد 7 أكتوبر

القتال لآخر جندى مصرى وحصاد 7 أكتوبر
بقلم: عمرو صابح

يدافع بعض الناصريين عن نتائج هجوم 7 أكتوبر عبر مقارنتها بنتائج هزيمة 1967.
في الحقيقة لا يوجد أي وجه للمقارنة بين الحدثين ، ومن يظن أنهما متشابهان في النتيجة، لا يعرف تاريخ ولا جغرافيا غالبا.
حرب 1967 ظروفها مختلفة تماما عن هجوم 7 أكتوبر.
في عام 1967 بدأت إسرائيل في شهر مايو بالتهديد بغزو سوريا واسقاط نظام الحكم القائم بها وسارع السوفيت بمطالبة الرئيس عبد الناصر بدعم سوريا خاصة بعدما ضغطوا عليه في نوفمبر 1966 لتوقيع اتفاق دفاع مشترك مع سوريا.
الإذاعات السعودية والأردنية كانت تشن حملة إعلامية هائلة ضد عبد الناصر متهمة إياه بالاختباء خلف قوات الطواريء الدولية في سيناء والسماح للسفن الإسرائيلية بعبور مضيق تيران والوصول لميناء إيلات.
الملك فيصل الذي كان عرشه مهتز تحت ضغط الوجود العسكري المصري في اليمن والخائف من ظهور الملك سعود في مصر ثم في اليمن في أبريل 1967 وما تسرب عن خطة عسكرية مصرية لإعادة الملك سعود لعرشه ، كان فيصل راغبا بتوريط عبد الناصر في حرب مع إسرائيل للتخلص من الوجود المصري في اليمن.
حركة فتح ونظام البعث السوري كانا يظنان ان عبد الناصر منشغل بتنمية مصر ولا يفكر في خوض معركة ضد إسرائيل لذا رغبا في توريطه في معركة رأوا أنها مضمونة ولمصلحة القضية.
المشير عبد الحكيم عامر كان يلح على الرئيس عبد الناصر من أجل خوض حرب ضد إسرائيل ويؤكد جاهزية الجيش المصري وقدرته على النصر.
أمريكا كانت تخطط منذ عام 1964 لاسقاط جمال عبد الناصر وبريطانيا كانت تريد تحطيم عبد الناصر قبل انسحابها من شرق السويس المقرر له يناير 1968.
اجتمعت كل تلك العوامل لكي تقود عبد الناصر لتصعيد المواجهة مع إسرائيل ولكن عبد الناصر لم يندفع للحرب ولم يقرر وحده التصعيد بل اجتمع مع كل المؤسسات الدستورية بالدولة ، واجتمع مع قادة الجيش ، نسق مع حلفاءه وعلى رأسهم الاتحاد السوفيتي ، اجتمع بأمين عام الأمم المتحدة.
انتهت الحرب بهزيمة مصر وخسارة سيناء بعد انهيار مزري للمشير عامر وفشل ذريع في إدارة المعركة وتدخل أمريكي وعربي داعم لإسرائيل.
ولكن هل انتهت مصر؟
بعد 3 أسابيع من نهاية الحرب بدأت معارك حرب الاستنزاف ، لم تتوقف التنمية في مصر ولم تتوقف حركة الحياة ، لم يتم تدمير البنية التحتية المصرية ، بدأ بناء الجيش المصري مجددا بمساعدة سوفيتية وبدعم عربي على فترات ، عندما بدأت إسرائيل الإغارة على المدنيين المصريين كان رد عبد الناصر بضرب إيلات واطلاق يد المقاومة الفلسطينية في ضرب المدن الإسرائيلية ، وعندما صعدت إسرائيل لغاراتها بالطيران ضد المدنيين سافر عبد الناصر لموسكو في يناير 1970 من أجل بناء حائط الصواريخ المصري الذي قطع ذراع إسرائيل الطويلة ولولاه ما عبرنا القناة ولا تقدمنا متر واحد في سيناء.
مات عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970 والجيش المصري جاهز للعبور وحائط الصواريخ واصل للحافة الغربية للقناة والسد العالي تم بناءه ومعدلات التنمية في مصر جيدة وحياة المصريين مستمرة.
في 6 أكتوبر 1973 عبر الجيش المصري القناة وتقدم في سيناء تحت حماية حائط الصواريخ.
في 7 أكتوبر 2023 قرر يحيى السنوار زعيم حماس في غزة شن هجوم مباغت على إسرائيل نجح الهجوم نجاح ساحق وأوقع بالإسرائيليين قتلى وجرحى وتم أسر ما يزيد عن 200 إسرائيلي واهتزت صورة الجيش الإسرائيلي وعم الفرح في أرجاء العالمين العربي والإسلامي.
ولكن ما الذي حدث بعد ذلك؟

حشدت إسرائيل كل حلفائها في العالم وعلى رأسهم راعيتها أمريكا ، صبت إسرائيل حممها على 2 مليون و300 ألف فلسطيني هم سكان قطاع غزة محدود المساحة 360 كم مربع ، اتضح ان القطاع يحصل على الماء والغاز والكهرباء من إسرائيل ، ظن السنوار ان إسرائيل لن تتحمل حرب طويلة أو استمرار وجود مواطنيها أسرى لدى حماس ، اتضح خطأ ذلك ، فإسرائيل قررت أن تخوض حرب بلا نهاية حتى القضاء على حماس.
ظهر أيضا ان السنوار عندما عرض خطته على حلفاءه في إيران وحزب الله وسوريا نصحوه بالتريث ولكنه قرر التصرف منفردا.
من الغريب مراهنة البعض على تدخل الدول العربية لصالح حماس فضلا عن كون حماس حركة إخوانية ، من أين جاء هذا الرهان؟ هل تدخل العرب لإنقاذ منظمة التحرير في 1982؟
ورط السنوار بمغامرته حزب الله في الحرب وبالتبعية إيران وسوريا.
في 27 سبتمبر 2024 اغتالت إسرائيل السيد حسن ، وفي 16 أكتوبر 2024 تم قتل السنوار.
ما الذي حدث بعد عام و3 شهور من هجوم 7 أكتوبر؟
غزة تم تدميرها بالكامل
٥٠ ألف شهيد
أكثر من ١٠٠ ألف جريح
أكثر من 2 مليون فلسطيني بلا طعام أو ماء أو دواء
المجزرة مازالت مستمرة
ما كان يسمى بمحور المقاومة أصبح أنقاض.
السيد حسن استشهد
حزب الله تعرض لضربات ساحقة وفقد كبار قادته وتم تحطيم ترسانته الحربية.
سوريا قلب محور المقاومة سقطت في حجر أمريكا وإسرائيل وتركيا.
إيران محاصرة.
حكم حماس لقطاع غزة انتهى
إسرائيل أقامت عشرات النقاط العسكرية في شمال القطاع.
ما وجه المقارنة بين 5 يونيو 1967 وبين 7 أكتوبر 2023؟
جمال عبد الناصر لم يقامر بشعبه ، لم يحارب دون حساب لليوم التالي ، خرج من الحرب الخاسرة وبدأ يرمم نظامه ويوثق علاقته بحلفاءه وواصل خططه التنموية داخل مصر ولم يتنازل ويقبل العروض الأمريكية والإسرائيلية بإعادة سيناء لمصر مقابل تخلي مصر عن دورها في العالم العربي.
قام عبد الناصر بتهجير سكان مدن القناة إلى داخل الجمهورية لحمايتهم من القصف الاسرائيلي بينما أحد قادة حماس صرح ان الأنفاق لحماية مقاتلي حماس أما المدنيين فهم لاجئون و مسئوليتهم تقع على عاتق الأمم المتحدة!!
يحيى السنوار تسبب في تدمير حكم جماعته وفي جعل غزة أنقاض عبر نقل الحرب لداخل القطاع المكتظ بسكانه محدود المساحة.
أمريكا وتركيا وإسرائيل منذ عام 1957 وهدفهم التخلص من نظام الحكم المقاوم في سوريا ، لم يتحقق لهم هذا إلا بسبب 7 أكتوبر.
ما بنته إيران في 40 سنة هدمه السنوار في عام.
هناك فرق بين رجل دولة أخطأ في حساباته مما تسبب في خسارة معركة ضمن حرب ممتدة وبين زعيم ميليشيا قام بمغامرة كارثية أبادت شعبه وتسببت في كارثة لا تماثلها سوى نكبة 1948 لأنها قادت لتصفية القضية الفلسطينية.
الإخوان المسلمين قوة هدم لا يستطيعون البناء ولا يأبهون للدماء وحصاد عملية 7 أكتوبر كارثي على كل المستويات.

Scroll to Top